خطبة رقم 9 توسان بسم الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد:أيها المسلمون.
خطبتي لهذه الجمعة بعنوان (التمسك بحبل الله وعدم التفرق واصلاح ذات البين ).
قال الله تعالى((يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته)) آل عمران 103.
روى البخاري عن مرة عن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وأله وسلم : (حق تقاته أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر فلا ينسى وأن يشكر فلا يكفر ) عن أنس أنه قال : لا يتقي الله العبد حق تقاته حتى يخزن لسانه.
وقال ابن عباس : هو ألا يعصى طرفة عين.ومحل التقوى القلب.
اعلموا عباد الله إن الله تعالى يأمر بالألفة وهي ثمرة حسن الخلق, وينهى عن الفرقة فإن الفرقة هلكة وهي ثمرة سوء الخلق, والجماعة نجاة,ويد الله مع الجماعة, ورحم الله ابن المبارك حيث قال:
إن الجماعة حبل الله فاعتصموا ... منه بعروته الوثقى لمن دانا
قوله تعالى : { ولا تفرقوا } أي متابعين للهوى والأغراض المختلفة وكونوا في دين الله إخوانا فيكون ذلك منعا لهم عن التقاطع والتدابر ودل عليه ما بعده وهو قوله تعالى : { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا } وليس فيه دليل على تحريم الاختلاف في الفروع : فإن ذلك ليس اختلافا إذ الاختلاف ما يتعذر معه الائتلاف والجمع وأما حكم مسائل الاجتهاد فإن الاختلاف فيها بسبب استخراج الفرائض ودقائق معاني الشرع ومازالت الصحابة يختلفون في أحكام الحوادث وهم مع ذلك متآلفون [ وقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : اختلاف أمتي رحمة ] وإنما منع الله اختلافا هو سبب الفساد لأن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.
فما أحرانا اليوم أن تكون قلوبنا واحدة وكلمتنا واحدة وأن نصدق نياتنا لله عزوجل وأن لايؤدي اختلافنا الى الحقد والغل والشحناء والكيد بعضنا لبعض وأن نلتمس الاعذار لاخواننا عند الاختلاف في المسائل الفرعية.
وفي صحيح مسلم [ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : إن الله يرضى لكم ثلاثا ويكره لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ويكره لكم ثلاثا قيل : وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال ]
((يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا))النساء 59.
فأوجب تعالى علينا التمسك بكتابه وسنة نبيه والرجوع إلى اولي الامر,وهم العلماء عند الاختلاف وأمرنا بالاجتماع على الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادا وعملا وذلك سبب اتفاق الكلمة وانتظام الشتات الذي يتم به مصالح الدنيا والدين والسلامة من الاختلاف وأمر بالاجتماع ونهى عن الافتراق الذي حصل لأهل الكتابين.
قوله تعالى : { واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها }.
أمر تعالى بتذكر نعمه وأعظمها الإسلام واتباع نبيه محمد عليه السلام فإن به زالت العداوة والفرقة وكانت المحبة والألفة والمراد الأوس والخزرج والآية تعم ومعنى { فأصبحتم بنعمته إخوانا } أي صرتم بنعمة الإسلام إخوانا في الدين .
قوله تعالى : { أو إصلاح بين الناس }النساء 114.وهو عام في الدماء والأموال والأعراض وفي كل شيء يقع التداعي والاختلاف فيه بين المسلمين وفي كل كلام يراد به وجه الله تعالى وفي الخبر:
كلام ابن آدم كله عليه لا له إلا ما كان من أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو ذكر لله تعالى فأما من طلب الرياء والترؤس فلا ينال الثواب وكتب عمر إلى أبن موسى الأشعري رضي الله عنه : رد الخصوم حتى يصطلحوا فإن فصل القضاء يورث بينهم الضغائن.