قال تعالى: وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين . عباد الله: إن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة، فعن أنس رضي الله عنه قال: بينما رسول الله جالس إذ رأيناه ضحك حتى بدت ناباه فقال عمر ما أضحكك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال : ((رجلان من أمتي جيئا بين يدي رب العزة تبارك وتعالى فقال أحدهما: يارب خذ لي مظلمة من أخي، قال الله تعالى أعط أخاك مظلمته، قال: يارب لم يبق من حسناتي شيء، قال: رب فليحمل عن أوزاري، قال: ففاضت عينا رسول الله بالبكاء ثم قال: إن ذلك ليوم عظيم يوم يحتاج الناس إلى من يتحمل عنهم أوزارهم، فقال الله تعالى للطالب: ارفع بصرك وانظر في الجنان، فرفع رأسه فقال: يارب أرى مدائن من فضة وقصوراً من ذهب مكللة بالؤلؤ، لأي نبي هذا؟ لأي صديق هذا؟ لأي شهيد هذا؟ قال: هذا لمن أعطى ثمنه، قال: يارب ومن يملك ثمنه؟ قال: أنت تملك ثمنه، قال: ماذا يارب؟ قال: تعفوا عن أخيك؟ قال: يارب فإني قد عفوت عنه، قال الله تعالى: خذ بيد أخيك فأدخلا الجنة))، ثم قال رسول الله : (( فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم ، فإن الله تعالى يصلح بين المؤمنين يوم القيامة ))1، وروى البزار عن أنس رضي الله عنه أن النبي قال لأبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه: ((ألا أدلك على تجارة؟ قال: بلى يا رسول الله: قال: تسعى في إصلاح بين الناس إذا تفاسدوا، وتقارب بينهم إذا تباعدوا)).أيسكت أهل العلم والوجاهة عن التنازعات بين والإخوان حتى تشتد الخصومة؟ أتترك الخلافات العائلية حتى تكون من المسائل القضائية؟ إن مسؤلية أهل العلم والوجاهة في جلب الألفة ودفع الفرقة مسئولية عظيمة عليهم أن يتحملوها، وإلا فليعلموا أنهم ضيعوا جزءاً كبيراً من الأمانة التي تحملوها، فكم من زوجة نفرت من زوجها وعشها لأتفه الأسباب؟ وكم من أخ قطع رحمه من إخوانه وجيرانه لعرض من الدنيا زائل ؟، وكم من جماعة اختلفت مع اخوانهم لأمور عادية، كل ذلك سببه غياب أهل الإخلاص والنباهة عن مكانتهم، وترك أهل العلم إنه لابد للمصلح بين الناس أن تتوفر فيه شروط عامة وأخرى خاصة لتخوله السفارة بين المتنازعين أو التوفيق بين المتخاصمين وإعادة المودة والرحمة والالفة بينهم، من هذه الشروط:
1 – أن يقوم بالإصلاح إبتغاء مرضات الله.
2 – وأن يكون الإخلاص لله وطلب الحق هو باعثه على الإصلاح.
3 – وأن يكون له مكانة كبيرة عند المتنازعين لعلمه وورعه. والحجة لمسئولياتهم.
4 – نصافة ورجاحة عقله.
فماذا تحتسب أخي المسلم عند الإصلاح بين الناس:ـ
1ـ الأجر العظيم ..
قال تعالى (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً)النساء.
2ـ يرحمك الله...
قال تعالى (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)الحجرات
3ـ احتساب أجر دفع الضرر والأذى عن المسلمين فإن بقاء الخصومة بين المتنازعين يضرهما في الدنيا والآخرة .
4ـ أجر الإحسان بين المتنازعين بالإصلاح بينهما ..
قال تعالى ( إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لَأَنْفُسِكُمْ)(الإسراء: من الآية7)
5ـأن تحصل على درجة أفضل من درجة نافلة الصلاة والصيام والصدقة
قال عليه الصلاة والسلام ( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا بلى :
قال:صلاح ذات البين ..فإن فساد ذات البين هي الحالقة ) أي تحلق الدين .
6ـ أن يكون أجرك على الله .. ولن تستطيع أن تتخيل عظم هذا الأجر فالأمر مطلق مفتوح..
قال تعالى(مَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ) الشورى: من الآية40)
وحديث الرجل لأمرته وحديث المرأة لزوجها)
إن الخلاف أمر طبيعي .. ولا يسلم منه أحد من البشر .. خيرة البشر حصل بينهم الخلاف فكيف بغيرهم
هـاهم أهل قباء .. صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .. الذين أنزل الله فيهم قوله " فيهم رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطهرين " .. هؤلاء القوم حصل بينهم خلاف .. حتى رمز بعضهم بعضاً بالحجارة .. فذهب إليهم النبي ليصلح بينهم وهذا أبـو بكر وعمر حصل بينهما شي من الخلاف .. فليس العيب الخلاف أو الخطأ .. ولكن العيب هو الاستمرار والاستسلام للأخطاء !!
فعلينا عباد الله أن نتحرّر من ذلك بالصلح والمصافحة والمصالحة .. والتنازل والمحبة .. والأخوة حتى تعود المياه إلى مجاريها ..
قالرسول الله صلى الله عليه وسلم " تُفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيُغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا رجلا كانت بينه وبين أخيه شحناء .. فيقال : انظروا هذين حتى يصطلحا .. انظروا هذين حتى يصطلحا .. انظروا هذين حتى يصطلحا "
فاتق الله عبد الله .. واصطلح مع أخيك .. وارجع إليه حتى تعود المياه إلى مجاريها ..
قال أنس رضي الله عنه ( من أصلح بين اثنين أعطـاه الله بكل كلمة عتق رقبة ) .. وقال الأوزاعي : ما خطوة أحب إلى الله عز وجل من خطوة من إصلاح ذات البين ومن أصلح بين اثنين كتب الله له براءة من النار ..