بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
=======
ياغاديا نحو الحبيب عساكــــــا ...*... تقرا السلام إذا وصلت هناكـا
وعساك تجري ذكر مثلي عنده ...*... فــــهوالشفاء لـدائنا ولداكـا
وقل السلام عليك ياخير الورى ...*... من شيق طول المدى يهواكـا
أنت الذي لولاك ماسرت الصبا ...*... كــلا ولا عــرف الهدى لــولاك
لـــولاك ماغفرت لآدم زلـــة ...*... لما الـتجــا في وقته لحمـــاكـا
لولاك مارفعت ليونس رتبة ...*... لما نجــــا من حوتــــه بهداكـا
لولاك ماكان ابن عمران ارتقى ...*... طور الخطاب ونال من نجواكـا
ولقد سريت إلى المهيمن ليلة ...*... والله ما أحد سرى مسراكـا
بالجسم كان سراك لاعن ريبة ...*... وتحكمت في ملكه عيناكـا
وطلبت تخلع نعل رجلك هيبة ...*... فأتى الندا لاتخلعن نعلاك
ورقيت تخترق السموات العلا ...*... متوصلا حتى بلغت مناكـا
ناداك جبريل الأمين مخاطبا ...*... لك بالكرامة عن رضا مولاكـا
إن كان آدم صفوة من خلقه ...*... فقد اصطفاك لحبه وهداكـا
أوكان نوح قد نجا بسفينة ...*... فمن العدا في الغار قد نجاكـا
أوكان ابراهيم أعطى خلة ...*... فقد اجتباك الله إذ ناداكـا
أوكان إسمعيل جاء له الفدا ...*... من ربه فكما فداه فداكـا
أوكان موسى للإله مناجيا ...*... فبليلة المعراج قد ناجاكـا
أوكان عيسى نال قبلك رتبة ...*... فمراتب المجموع قد أعطاكـا
قد نلت بالمعراج كل فضيلة ...*... ورأيت رحمن السما ورآكـا
فعليك ياخير الأنام تحية ...*... تأتيك بالإقبال من مولاكـا
=======
( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى )
الحمد لله الذي قرّب من اختار من عباده إلى حضرة وداده ، واصطفى واجتبى من أحبابه من صلح لحضرة اقترابه وسقاه من صفو شرابه ماصفا ، ومنّ على من اجتباه من خلقه وجعل منهم أنبياء وأصفياء وأولياء وخلفاء ، واختار المختار محمدا صلى الله عليه وسلم وميزه على سائر الخلق قبل أن يكونوا الأصلاب نطفا ،
فاصطفاه منعما ومتحفا ، وأعطاه بكرمه فخرا وكان له معينا ومردفا ، توسل به آدم إلى ربه فقبل توبته وعفا ،
ودعا به نوح فنجاه في يمه وكان لقومه مغرقا متلفا ، واستجار به الخليل إلى ربه من نار نمروذ ففك عنه القيود وخمد لهيبها وانطفا ، وتوسل به إسماعيل فأغاث بالفدا ، وكان له من الردى معينا ومسعفا ، وسأل به موسى الكليم ، عطف الملك الكريم فعاد عليه متعطفا ، والتمس بركته عيسى فكساه مولاه عقدا نفيسا إذ جاء مبشرا بأحمد المصطفى ، فهو سيد الكونين ، وإمام الثقلين ، ومن أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى إلى سدرة المنتهى ، إلى قاب قوسين معظما مشرفا ، وكان البراق مركبه وجبريل يحجبه والملائكة ترقبه ويهدى إليه من البشر والهنا طرفا وتحفا ، فلما وصل ركابه إلى المسجد الأقصى وجده الأنبياء مرتصا ، فأمّ بهم وكل منهم دعا له ووصى فقال في حقه من خصه بالأسراء خصا ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) فكان ذلك فخراً له وشرفا ، ثم نصب له المعراج إلى السماء فرقى وسما وصار مبجلا مفخما ، موقرا معظما مكرما مؤيدا ، مقدما حاكما متصرفا ، هذا وجبريل في ركابه لايبغي عنه في ذهابه حولا ولا تحرفا ، فاستفتح أبواب السماء بالتعظيم والتجبيل فقيل من معك ياجبريل ؟
فقال محمد المصطفى ، قيل أوقد أرسل إليه ؟ قال نعم ، قالوا مرحبا ولنعم المجيء جاء متوجا مشرفا ، فتلقته الملائكة الكرام ، وسلم على الأنبياء والاحترام فكل رحب به وأضحى من بركته مغترفا ، فتجاوزهم وسار وقطع الرسوم والآثام ، ولم يبلغ تلبثا ولاتوقفا فسمع صرير الأقلام وتسبيح الأملاك ورأى الجنة والنار ، وما أعد الله فيهما للأبرار والفجار ، فخمد لهيب النار ببركة قدومه وانطفا ، وعطر رضوان في الجنة قصورا وغرفا ، ثم رفع إلى البيت المعمور ، وعاين الضياء والنور ، فرآه يدخله في كل يوم سبعون ألفا من الملائكة لايعودون إليه إلى ( يوم يعضّ الظالم على يديه ) ندما وأسفا ، فلما وصل به جبريل إلى سدرة المنتهى تأخر عندها ، فقال له الرسول الجليل ياجبريل أههنا يترك الخليل الخليل متخلفا ؟ فقال ياسيد المرسلين ، وحبيب رب العالمين ، أنت صاحب السرّ المكتوم ، والعلم المرقوم ، ومن ههنا تنطمس الرسوم وتندرس العلوم ، فهذا مقامي المفهوم ، ومامنا إلا له مقام معلوم ، فسر في مطلع طوالع سعدك مشرّفا ، وارق من أنوار عزّك ومجدك رفرفا رفرفا :
رقي رفرف الأنوار والليل قد صفا .... وهب نسيم الوصل وانتسخ الجفا
وطاب له ذكر الخطاب منادما .... وراق ذاك الشراب تلطفا
فما زال المختار يتجاوز حجب الأنوار ، ويخترق الأستار ، ويرقي رفرفا رفرفا ، إلى أن ذهب الأين واختفى ، وزال البين وانتفى ، وسلك المصطفى صلى الله عليه وسلم حسن الأدب واقتفى وشاهد جمالا مازال بالوحدانية معرفا ، وبالفردانية متصفا ، فوقف الحضور ، وقد ألبس خلع الضياء والنور ، مطرزة بطراز السرور ، مرقومة برقوم الحبور ، وقد وصل حبل الوصل وانتفى الجفا ، فبدأه السلام بالسلام متحفا ، وحباه بالأنعام والإكرام تلطفا ، وقال له العليّ الأعلى ( يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشراً ونزيرا ، وداعيا إلى الله باذنه وسراجا منيرا ، ومبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلاً كبيرا ) فسراج نبوّتك يضيء على أمتك إلى يوم القيامة ماوهن ولا انطفأ ، فأنت الشاهد وأنا المشاهد ، وقد فزت بأشرف المشاهد ، والشاهد لايكون في تحقيق شهادته مترددا ولا متوقفا ، فاشهد بما رأيت لتكون للناس بالوحدانية معرفا ولي بالعبودية معترفا ، فقد أسمعتك كلامي شفاها وجعلته لك شفا ، وأشهدتك جمالي وكنت إليه متشوّفا ، ولذذتك بخطابي فكان لسمعك مشنفا ، وسقيتك من لذيذ شرابي كأسا راق ومن الأكدار قد صفا ، فقل لمن نام عني وغفا ، وتعوض عن وصلى بالجفا :
ياذا الذي قد نام وهنا أو غفا ...*... ماذا يفوت النائمين من الوفا
قم ياغفولا عن وصال حبيبه ...*... واذر الدموع على الخدود تأسفا
واسمع ودع عنك التكلف إنه ...*... ماطاب من أضحى هواه تكلفا
لي بالعقيق وبين جرعاء الحمى ...*... بدر رشيق الفدّ أسمر أهيفا
أعيا عيون الناظرين بحسنه ...*... وقضى لطرف ناله أن يطرفا
إن يبد في ليل ترى بدرا بدا ...*... أو ينثني قلت الحسام المرهفا
ولقد علمت بأن طه أحمدا ...*... خير الأنام المجتبى والمصطفى
هو سيد الكونين والنور الذي ...*... ظهرت شريعتنا به بعد الخفا
وهو المشفع في القيامة وحده ...*... فيمن هو في النار أو من أشرفا
هو صاحب الخلق العظيم فلايرى ...*... إلا صفوحا عاطفا متلطفا
هو صاحب المعراج من أسى به ...*... ليلا إلى أثنى مقام أشرفا
ملئت به الآفاق نوراً باهرا ...*... وعلا على متن البراق مشرّفا
كانت ملائكة السما خدما له ...*... وله جنان الخلد أبدت زخرفا
أوحى إليه الله جل جلاله ...*... أسراره ولغيره لن تكشفا
ياسيد الكونين جئتك أشتكي ...*... من جور دهر لي غدا متعسفا
أنوي المسير إليك وهو بصدئي ...*... والقلب نحوك قد غدا متشوقا
والعمر قد ولى ضياعا حسرة ...*... وأنا لأجلك قد فنيت تأسفا
فعسى لديك عزيمة نبوية ...*... لتنيلني قصدي وعيشا قد صفى
صلى عليك الله ياعلم الهدى ...*... ماناح قمري الأراك ورفرفا